الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
أخرج أبو داود في "سننه" عن الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك. وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أمِّ ورقة بنت نوفل أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لما غزا بدرًا، قالت: قلت له: يا رسول اللّه، إئذن لي في الغزو معك، أُمرِّض مرضاكم، لعل اللّه يرزقني شهادة، قال: "قومي في بيتك، فإِن اللّه تعالى يرزقك الشهادة"، قال: فكانت تسمى: الشهيدة، قال: وكانت قد قرأت القرآن، فاستأذنت النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن تتخذ في دارها مؤذنًا يؤذن لها، قال: وكانت دبرت غلامًا لها. وجارية، فقاما إليها بالليل، فغمَّاها بقطيفة لها حتىماتت، وذهبا، فأصبح عمر، فقام في الناس، فقال: من عنده من هذين علم، أو من رآهما، فليجيء بهما، فأمر بهما فصلبا، فكانا أول مصلوب بالمدينة، انتهى. ثم أخرجه عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بهذا الحديث، قال: وكان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها أن تؤمَّ أهل دارها، قال عبد الرحمن بن خلاد: فأنا رأيت مؤذنها شيخًا كبيرًا، انتهى. ورواه الحاكم في "المستدرك [ص 203 - ج 1. ]"، ولفظه: وأمرها أن تؤمَّ أهل دارها في الفرائض، وقال: لا أعرف في الباب حديثًا مسندًا غير هذا، وقد احتج مسلم بالوليد بن جميع، انتهى. وقال المنذري في "مختصره": الوليد بن جميع، فيه مقال، وقد أخرج له مسلم، انتهى. وقال ابن القطان في "كتابه "الوليد بن جميع. وعبد الرحمن بن خلاد، لا يعرف حالهما، انتهى. قلت: ذكرهما ابن حبان في الثقات. - حديث آخر: أخرجه ابن عدي في "الكامل". وأبو الشيخ الأصبهاني في "كتاب الأذان" عن الحكم بن عبد اللّه بن سعد الأيلي عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "ليس على النساء أذان، ولا إقامة، ولا جمعة، ولا اغتسال، ولا تتقدمهن امرأة، ولكن تقوم وسطهن"، انتهى. ثم أسند ابن عدي عن ابن معين أنه قال: الحكم بن عبد اللّه بن سعد ليس بثقة، ولا مأمون، وعن البخاري، قال: تركوه، وعن النسائي، قال: متروك الحديث، وكان ابن المبارك يوهنه [في نسخة "يوهيه".]، انتهى. وهذا الحديث أنكره ابن الجوزي في "التحقيق" فقال: وحكى اصحابنا أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "ليس على النساء أذان، ولا إقامة"، وهذا لا نعرفه مرفوعًا، إنما هو شيء يروى عن الحسن البصري. وإبراهيم النخعي، ورده الشيخ في "الإِمام" واللّه أعلم. - حديث آخر: موقوف، رواه عبد الرزاق في "مصنه [والبيهقي في "السنن" ص 131 - ج 3، وابن حزم في "المحلى" ص 128 - ج 3]" أخبرنا إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، قال: تؤمُّ المرأة النساء، تقوم في وسطهن، انتهى. قوله: وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الإِسلام، قال السروجي: وهكذا في "المبسوط - والمحيط"، وفيه: بُعدٌ، لأنه عليه السلام أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، كما رواه البخاري [في "الهجرة" ص 52 من حديث ابن عباس، ومسلم في "الفضائل - في باب قدر عمره صلى اللّه عليه وسلم" ص 260 - ج 2.] عائشة ومسلم، ثم تزوج [قوله: تزوج، أي نبي بها، أخرج البخاري في "النكاح - في باب إنكاح الرجل ولده الصغار" ص 771 من حديث عائشة. ومسلم في النكاح - في باب تزويج الأب البكر الصغيرة" ص 456 - ج 1.] عائشة بالمدينة، وبنى بها، وهي بنت تسع، وبقيت عنده عليه السلام تسع سنين، وما تصلي إماما، إلا بعد بلوغها، فكيف يستقيم حمله على ابتداء الإِسلام؟!، لكن يمكن أن يقال: إنه منسوخ، وفعلن ذلك حين كان النساء يحضرن الجماعات، ثم نسخت جماعتهن، انتهى. - الحديث السادس والستون: روى أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - صلى بابن عباس، فأقامه عن يمينه، قلت: أخرجه الأئمة الستة في "كتبهم [البخاري في "باب التخفيف في الوضوء" ص 25، وفي عشرين موضعًا غيره، ومسلم في "التهجد - في باب صلاة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالليل" ص 260، وأبو داود في "باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه، كيف يقومان" ص 97 من حديث عطاء عن ابن عباس، والسياق سياقه، والنسائي في "باب الجماعة إذا كانوا اثنين" ص 135، والترمذي في "باب الرجل يصلي، ومعه رجل" ص 31، وابن ماجه: ص 70.]" عن كريب مولى ابن عباس، قال: بت عند خالتي ميمونة، فقام رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من الليل، فأطلق القربة فتوضأ، ثم أوكأ القربة، ثم قام الى الصلاة، فقمت فتوضأت، كما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه، فأقامني عن يمينه، فصليت معه، انتهى. أخرجوه مختصرًا ومطولًا. - الحديث السابع والستون: روى عن ابن مسعود - أنه أمَّ اثنين، فتوسطهما، قلت: أخرجه مسلم في "صحيحه [في "باب الندب الى وضع الأيدي على الركب في الركوع" ص 202 - ج 1، وأبو داود في "باب إذا كانوا ثلاثة، كيف يقومون" ص 97] عن إبراهيم عن علقمة. والأسود أنهما دخلا على عبد اللّه، فقال: أصلي من خلفكم؟ قالا: نعم، فقام بينهما، فجعل أحدهما عن يمينه. والآخر عن شماله، ثم ركعنا، فوضعنا أيدينا على رُكبنا، ثم طبق بين يديه، ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلى، قال: هكذا فعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. ورواه أبو داود في "سننه"، لم يذكر فيه التطبيق، ولفظه: قال: استأذن علقمة. والأسود على عبد اللّه، فأذن لهما، ثم قام فصلى بينهما، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فعل، قال المنذري في "مختصره": قال أبو عمر بن عبد البر: هذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح عندهم التوقيف على ابن مسعود، أنه صلى كذلك بعلقمة. والأسود، قال: وهذا الذي أشار إليه أبو عمرو قد أخرجه مسلم في "صحيحه" أن ابن مسعود صلى بعلقمة، والأسود، وهو موقوف، وقال بعضهم: إنه منسوخ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو بمكة، وفيها التطبيق، وأحكام أخرى، هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، ولما قدم النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ المدينة تركه، انتهى كلامه، وقال النووي في "الخلاصة": الثابت في "صحيح مسلم" أن ابن مسعود فعل ذلك، ولم يقل: هكذا كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يفعله، ورواه أبو داود [في "باب إذا كانوا ثلاثة، كيف يقومون، ص 96، والنسائي في "باب موقف الإمام إذا كانوا ثلاثة" ص 28] مرفوعا بسند فيه هارون ابن عنترة، وهو وإن وثقه أحمد. وابن معين، فقد قال الدارقطني: هو متروك، كان يكذب، وهذا جرح مفسر، فيقدم على التعديل، ورواه البيهقي من طريق ابن إسحاق عن ابن الأسود به، وابن إسحاق مشهور بالتدليس، وقد عنعن، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق، انتهى كلامه. قلت: كأنهما ذهلا، فإن مسلمًا أخرجه من ثلاث طرق، لم يرفعه في الأوليين، ورفعه في الثالثة الى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقال فيه: هكذا فعل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، والدليل عليه أن الترمذي، قال في "جامعه": وروى عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود، فقام بينهما، قال: ورواه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى ورواه البيهقي [في "السنن" ص 98 - ج 3، وأحمد: ص 459 - ج 1 والطحاوي: ص 181] وأحمد من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، قال: دخلت أنا. وعلقمة على ابن مسعود بالهاجرة، فلما زالت الشمس أقام الصلاة، فقمت أنا وصاحبي خلفه، فأخذ بيدي وبيد صاحبي، فجعلنا عن يمينه. ويساره، وقام بيننا[وفي "مسند أحمد" بعده: فصففنا خلفه صفًا واحدًا، فقال: هكذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة، اهـ]، وقال: هكذا كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يصنع، إذا كانوا ثلاثة، انتهى. وضعف بابن إسحاق، وقد عنعن، وهو مدلس، وأجيب عن حديث ابن مسعود هذا بثلاثة أجوبة أحدها: أن ابن مسعود لم يبلغه حديث أنس الآتي ذكره عقيب هذا الحديث. الثاني: أنه كان لضيق المسجد، رواه الطحاوي في "شرح الآثار [ص 181، والبيهقي في "السنن" ص 99 - ج 3.]" بسنده عن ابن سيرين أنه قال: لا أرى ابن مسعود فعل ذلك إلا لضيق المسجد، أو لعذر آخر، لا على أنه من السُّنة، انتهى. والثالث: ذكره البيهقي في "المعرفة"، قال: وأما ما روى عن ابن مسعود، فقد قال فيه ابن سيرين: إنه كان لضيق المسجد، وقد قيل: إنه [حديث أبي ذر هذا رواه أحمد في "مسنده" ص 170 - ج 5. ] رأى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يصلي. وأبو ذر عن يمينه، كل واحد يصلي لنفسه، فقام ابن مسعود خلفهما، فأومأ إليه النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بشماله، فظن عبد اللّه أن ذلك سنة الموقف، ولم يعلم أنه لا يؤمهما، وعلمه أبو ذر، حتى قال، فيما روى عنه: يصلي كل رجل منا لنفسه، وذهب الجمهور الى ترجيح رواية غيره على روايته بكثرة العدد، والقائلين به، وبسلامته من الأحكام المنسوخة، انتهى. وقال الحازمي في "كتابه الناسخ والمنسوخ [الحازمي في "كتاب الاعتبار" ص 80.]": وحديث ابن مسعود منسوخ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو بمكة، وفيها التطبيق، وأحكام أخرى هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، ولما قدم النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ المدينة تركه، بدليل ما أخرجه مسلم [في "آخر الصحيح - في أحاديث متفرقة - في حديث جابر" ص 417 - ج 2، وأبو داود في "الصلاة - في باب إذا كان ثوبًا ضيقًا" ص 100 - ج 1] عن عبادة الوليد عن جابر، قال: سرت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في غزوة، فقام يصلي، قال: فجئت حتى قمت عن يساره، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه، انتهى. قال: وهذا دال على أن هذا الحكم هو الآخر، لأن جابرًا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر، ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أيضًا دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعًا، وأن ابن صخر كان يستعمل الحكم الأول حتى مُنع منه، وعرف الحكم الثاني. - الحديث الثامن والستون: روى أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - تقدم على أنس، واليتيم حين صلى بهما، قلت: أخرجه الجماعة [البخاري في "باب الصلاة على الحصير" ص 55، ومسلم في "باب جواز الجماعة في النافلة" ص 234 - ج 1، وأبو داود في "باب إذا كانوا ثلاثة، كيف يقومون" ص 97، والنسائي في "باب إذا كانوا ثلاثة وامرأة" ص 129، والترمذي في "باب الرجل يصلي، ومعه رجال ونساء" ص 32]، إلا ابن ماجه عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك، أن جدته مليكة دعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصل لكم، قال أنس: فقمت الى حصير لنا، قد اسودَّ من طول ما لبث، فنضحته بماء، فقام رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وصففت أنا. واليتيم ورواءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف، انتهى. واليتيم، هو: ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، له، ولأبيه صحبة، قال أبو عمر: قوله: جدته مليكة، مالك يقوله، والضمير عائد على إسحاق، وهي جدة إسحاق [يؤيده ما أخرجه البيهقي: ص 106 - ج 3، وفيه: وأم سليم خلفنا] أمّ أبيه عبد اللّه بن أبي طلحة، وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري، وهي أم أنس بن مالك، وقال غيره: الضمير يعود على أنس، وهو القائل: إن جدته، وهي جدة أنس بن مالك أم أمه، واسمها مليكة بنت مالك بن عدي، ويؤيد ما قاله أبو عمران في بعض طرق الحديث: إن أم سليم سألت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يأتيها، أخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد عن إسحاق بن عبد اللّه، فذكره، وأم سليم هي أم أنس، جاء ذلك مصرحًا في "البخاري"، وقال النووي في "الخلاصة": الضمير في جدته - لإِسحاق - على الصحيح، وهي أم أنس، وجدة إسحاق، وقيل: جدة أنس، وهو باطل، وهي أم سليم، صرح به في رواية للبخاري، واليتيم، هو: ضميرة [قال النووي في "شرحه على مسلم": اسمه ضمير بن سعد الحميري] بن سعد الحميري، انتهى كلامه.
|